من بين مظاهر الإصلاح التي أثمرتها سياسة أمير المؤمنين في مجال تدبير الشأن الديني بمملكته الشريفة، إشراك المرأة في تأطير هذا الشأن، سواء على مستوى العالمات اللائي التحقن بعضوية المجالس العلمية المحلية. أو على مستوى الواعظات في مختلف المساجد، بتزكية من المجالس العلمية، كما اتخذ هذا الإشراك بعدا رمزيا استثنائيا عندما وجدت العالمات المحاضرات مكانتهن في منبر الدروس الحسنية التي تقام بحضور أمير المؤمنين والأمراء وكبار رجال الدولة والعلماء والسفراء في رحاب قصر من القصور الملكية العامرة خلال شهر رمضان.
غير أن المظهر الأبلغ أثرا في هذا الإشراك للمرأة في التأطير الديني. يتجلى في ما أمر به أمير المؤمنين من إحداث سلك المرشدات الدينيات. وقد تم تنفيذ هذا الأمر بانتقاء عشرات من الشابات المتخرجات من سلك الإجازة بالجامعات، يحفظن ما تيسر من القرآن الكريم، ويتم تمتيعهن كل سنة بتكوين متخصص لمدة اثنى عشر شهرا في العلوم الشرعية وقواعد الوعظ والإرشاد ودراسة المؤسسات. وغير ذلك من العلوم التكميلية.
في كل سنة تنضم المرشدات المتخرجات إلى صف العاملات في المساجد والمدارس والمستشفيات والسجون والنوادي.
لقد نظر الإعلام الدولي الرصين خلال السنوات الثلاث الماضية إلى المرشدات على أنهن ظاهرة متفردة. تقديرا لما ظهرن به من سلوك الالتزام بثوابت الأمة عقيدة ومذهبا، ولما شاع عنهن من مظهر مغربي أصيل، ومن خطاب مقاصدي معتدل، ولعل بلاغة نموذج المرشدات تكمن في كونه نموذجا يبرز صورة المرأة الشابة العاملة في الإرشاد الديني، من نفس المنطلق الذي يعمل منه العلماء. وهو منطلق صيانة هوية الأمة في انسجام مع اختياراتها الجارية في مختلف المجالات، كما يبرز المفهوم الواسع للإرشاد في مختلف الأوساط من خلال تنوع تجربتهن الميدانية والإقبال الواسع على خطابهن.